القديس يعقوب المقطع ، وكان من جنود سكراد بن صافور ملك الفرس ، ولشجاعته واستقامته ارتقى إلى اسمى الدرجات في بلاط الملك ، وكان له لدى الملك حظوة ودالة ، حتى انه كان يستشيره في كثير من الأمور ، وبهذه الطريقة أمال قلبه عن عبادة السيد المسيح ، ولما سمعت أمه وزوجته وأخته ، انه وافق الملك على اعتقاده ، كتبن إليه قائلات "لماذا تركت عنك الإيمان بالسيد المسيح ، وأتبعت العناصر المخلوقة ، وهي النار والشمس ، إلا فاعلم انك إن لبثت على ما أنت عليه ، تبرأنا منك وحسبناك كغريب عنا" ، فلما قرا الكتاب بكى وقال "إذا كنت بعملي هذا قد تغربت عن أهلي وجنسي ، فكيف يكون أمري مع سيدي يسوع المسيح" ، ثم ترك خدمة الملك وانقطع لقراءة الكتب المقدسة ، ولما انتهى آمره إلى الملك دعاه إليه ، وإذ رأى تحوله أمر بضربه ضربا موجعا ، وانه مازال لم ينثن عن رأيه يقطع بالسكاكين ، فقطعوا أصابع يديه ورجليه ، وفخذيه وساعديه ، وكان كلما قطعوا عضوا من أعضائه يرتل ويسبح قائلا "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك" ، ولم يبق من جسده إلا رأسه وصدره ووسطه ، ولما علم بدنو ساعته الأخيرة سأل الرب من اجل العالم والشعب لكي يرحمهم ويتجنن عليهم ، معتذرا عن عدم وقوفه أمام عزته بقوله "ليس لي رجلان لكي اقف أمامك ، ولا يدان ابسطها قدامك ، وهو ذا أعضائي مطروحة حولي ، فاقبل نفسي إليك يا رب" ، وللوقت ظهر له السيد المسيح وعزاه وقواه فابتهجت نفسه ، وقبل إن يسلم الروح أسرع أحد الجند وقطع رأسه ، فنال إكليل الشهادة ، وتقدم بعض المؤمنين وأخذوا جسده وكفنوه ودفنوه ، فلما سمعت أمه وأخته وزوجته بذلك فرحن وأتين إلى حيث الجسد وقبلنه هن يبكين ، ولفنه بأكفان فأخرة وسكبن على أطيارا غالية ، وبنيت له كنيسة ودير في زمن الملكين البارين أركاديوس وانوريوس ،
و لما علم ملك الفرس بذلك ، وبظهور الآيات والعجائب من جسد هذا القديس وغيره من الشهداء الكرام ، أمر بحرق سائر أجساد الشهداء في كل أنحاء مملكته ، فآتى بعض المؤمنين وأخذوا جسد القديس يعقوب وتوجهوا به إلى أورشليم ، ووضعوه عند القديس بطرس الرهاوي أسقف غزة ، فظل هناك حتى ملك مرقيان الملك الذي اضطهد الأرثوذكسيين في كل مكان ، فأخذ القديس بطرس الأسقف الجسد وحضر إلى الديار المصرية ، ومضى به إلى البهنسا ، وأقام هناك في دير به رهبان قديسون ، وحدث بينما هم يسبحون وقت الساعة السادسة في الموضع الذي فيه الجسد المقدس ، إن ظهر لهم القديس يعقوب مع جماعة من شهداء الفرس واشتركوا معهم في الترتيل وباركوهم ، وغابوا عنهم بعد إن قال لهم القديس يعقوب إن جسدي يكون ههنا كما أمر الرب ، ولما أراد الأنبا بطرس الأسقف العودة إلى بلاده حمل الجسد معه ولما وصل إلى البحر أختطف من بين أيديهم إلى المكان الذي كان به ، صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين .